بينما انت جالس تتمعن في هذه الاسطر لابد انك مرتاح نفسيا و جسديا , مهما كانت ظروفك الحالية , أو على الاقل مرتاح نسبيا مقارنة مع بعض الاشخاص الذين لم يبتسم لهم القدر و كان مصيرهم ان يعيشوا عيشة بائسة , في هذه اللحظة هناك اب يخرج في الصباح الباكر متحديا كل الظروف ليعين عائلته او ام قالت " الا ابنائي " و صمدت و تعبت لتجلب بقايا طعام من الذين " ابتسم لهم القدر " ابتسامة عريضة , و لكن على الاقل هؤلاء وجدوا عملا محترما يأويهم , ماذا عن الفتيات و النساء الذين امتهن مهنا مخزية ليحظين ببقشيش السفلاء في هذا العالم الحقير , أ تعتقدون فعلا انهم اختاروا هذه الطريق لهوا و عبثا ؟ خصوصا و ان الوظائف شبه منعدمة لمن لم يقم باتمام دراسته و حتى الذين اتموا دراستهم يعدون في خطر كذلك .. و لا تقل لي " امشيوو يخدموا على راسهم "" نعم انا متفقة كل الاتفاق , الانسان لا يجب ان يستبدل كرامته بقذارة تكفيه لايام فقط و بعد ذلك عليه ان يغتص في نفس القذارة مجددا و مجددا , و لكن يا عزيزي القارئ ماذا عن الاشخاص الذين كانوا ضحية المجتمع ,هؤلاء الذين فتحوا اعينهم في اماكن عفنة بسكانها و منذ نعومة اظافرهم فاكتسبوا صفات طافرة , فان أخذنا لصا سنجده يعيش في وسط كله لصوص , ماذا لو لم يولد هناك ؟ . ماذا لو كان ابواه ثريان ؟ اكيد لن يكون سارقا ,,سيصبح استاذا او طبيبا او مهندسا ,, و لا أقصد الثراء المادي بالضبط ,, فلو كان الوالدان خلوقان و الوسط نظيف من الحثالة البشرية لن يصبح هذا الشخص لصا او تصبح تلك الفتاة بائعة هوى , و هنا لن اسقط في التناقض فعندما قلت " الحثالة البشرية " لم أقصد بالضبط ان أهين احدا لان أولك الذين نسميهم حثالة هم كذلك ضحايا و لم يختاروا تلك الطريق و بالتالي الكل يعتبر ضحية للمجتمع , و لكن من المجرم ؟ من المسؤول ؟ من المذنب ؟ و هنا اقول المجرم الكبير هو الفقر, لولا فقر المواطن او فقر الدولة عموما لن نسقط ضحايا لهذه اللعبة السخيفة الملعوبة من طرف الحاجة و العوز و الفقر , سأتحدث عن كل هذا في موضوع اخر . و في النهاية كل ما اريد ان اوصله لك .. لا تحاسب الاشخاص فأنت لا تعرف ظروفهم و خلفياتهم , و لا تحكم عليهم مسبقا ففي الاخير كلنا نشترك في دوامة واحدة و هي دوامة الانسانية .
